هيا بنا نَعُجُّ إلى الله و نستغيث به
بقلم: د.مجدي الهلالي
22-5-2008
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على المبعوث رحمة للعالمين ، أما بعد :
فبعد أن وقع الزلزال ، و انكشف الغبار ، و تأكد لدينا بأنه ليس لنا سوى الله ، و أنه وحده القادر على كشف ما أصابنا من ضُرٍ و بلوى ، و أن ما حدث قد يكون عُتبى منه سبحانه ، يعتب بها علينا بسبب ما أحدثناه من تقصير في القيام بالواجب الذي شرفنا به و ابتعثنا من أجله، أو تفريط و تهاون في لزوم الاستقامة على أمره .
.. بعد أن وضحت الرؤية بأنه سبحانه هو الذي ابتلانا ، فإنه ينتظر منا توبة صادقة تبدأ بمحاسبة كل منا نفسه ، و مراجعة أموره كلها بدءاً من علاقته به سبحانه ، و مروراً بعلاقته بإخوانه و بدعوته ، و كلما كانت هذه المحاسبة جادة منطلقة من استشعار المرء بأنه قد يكون السبب فيما حدث للدعوة كلما ازداد الشعور بالندم ، و من ثمَّ تكون التوبة صادقة ، عملية ، ظاهرة الآثار في شتى المجالات .
.. و مع هذه المحاسبة ، و هذه التوبة تأتي العبودية العظيمة الملازمة لحدث الابتلاء ألا و هي التضرع إلى الله و الاستغاثة الشديدة به (فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ) [الأنعام :43]
فالمطلوب هو تضرع و استغاثة تُظهر و تؤكد عدم تعلق قلوبنا بشيء سوى الله ، و أنه لا ملجأ لنا و لا منجى مما نحن فيه إلا هو سبحانه و تعالى ، و أن نلح في ذلك ، و نلح ، و نتضرع ، و نستغيث ، و نعُجُّ(1) إلى الله ، و لا نترك هذا كله حتى يأتي الفرج ، و ماهو ببعيد كما وعد سبحانه ( أمن يجيب المضطر إذا دعاه و يكشف السوء و يجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله ) [النمل:62]
من تجارب السابقين في الاستغاثة بالله :
و إليك-أخي- قصة من قصص السابقين تؤكد هذا المعنى ، و كيف أن أصحاب هذه القصة و بعد أن أُحيط بهم ، و بلغ بهم البلاء و الكرب ما بلغ لجأوا إلى الباب الأعظم ، و تعلقت قلوبهم تعلقاً تاماً بالله ، و انخلعت من كل أسباب الأرض ، عند ذلك جاءهم الفرج من حيث لا يحتسبون .
ذكر ابن بشكوال في كتابه (المستغيثين بالله ) : أن المسلمين في جزيرة إقريطش (تكريت ) قد قاموا بغزوٍ لبعض ديار الروم ، و أصابوا منهم إصابات عظيمة ، فبلغ ذلك الخبر ملك الروم ، فاستشاط غضباً ، و توعد المسلمين بحرب عظيمة ، و هزيمة ساحقة و إن أدى ذلك إلى إنفاقه كل دنانير مملكته ، و ذهب إلى راهب من أبناء الملوك يحبه الروم لزهده ، فأنزله من صومعته ، و أقنعه بضرورة قيادته للجيش المتوجه لجزيرة إقريطش ، و بالفعل خرج هذا الراهب بجيش ضخم و اتجه إلى الجزيرة ، و في طريقهم إليها وجدوا المراكب التي تحمل الطعام للمسلمين فاستولوا عليها ، و ما إن بلغ الخبر أهل الجزيرة حتى أغلقوا الأبواب و تحصنوا داخل مدينتهم ، ثم ضرب جيش الروم حصاراً محكماً على المدينة ، و طال الحصار ، و نفد الطعام حتى اضطر الناس إلى أكل ما مات من البهائم ، و وصل بهم الجهد و الجوع و الكرب مبلغه ، و بدأوا في التفكير الجاد بالاستسلام ، و فتح أبواب المدينة للروم ، عند ذلك نهض فيهم أحد الشيوخ و بين لهم أن المسبب لهذا كله هو الله ، و أنهم قد حُرِموا التوفيق الإلهي يوم أن استولى الروم على طعامهم ، و أن ما عليهم إلا أن يقبلوا ما يشير به عليهم .
فوافق القوم و أعطوه سمعهم .
فقال لهم : توبوا إلى الله عز و جل من قبيح تقصيركم في حق شكر نعمه ، و الزموا ما يكون رباطاً لها و قائداً لها إلى حُسن المزيد فيها ، و أخلصوا له إخلاص من لا يجد فرجه إلا عنده ، و افصلوا صبيانكم من رجالكم ، و رجالكم من نسائكم .
فلما ميزهم هذا التمييز صاح بهم : عُجُّوا بنا إلى الله عز و جل .
فعجوا عجّة واحدة ، و بكى الشيخ و اشتد بكاء الناس و صراخهم ، ثم قال : عجوا أخرى ، و لا تشغلوا قلوبكم بغير الله ، فعجوا عجة أعظم من الأولى ، و اشتد بكاؤهم و نحيبهم ، و علا صوتهم .
ثم عج الثالثة ، و عج الناس معه ..
ثم قال لهم : انظروا من شرفات الحصن ، فإني أرجو أن يكون الله قد فرج عنا .
يقول راوي القصة –الحسن بن محمد - : و الله لقد أشرفت مع جماعة فرأينا الروم قد قوضوا ، و ركبوا مراكبهم ، و انطلقوا في البحر ، و فتحنا الحصن فوجدنا قوماً من بقاياهم ، فسألناهم عن خبرهم فقالوا : كان الراهب المحبوب عميد الجيش بأفضل سلامته اليوم ، حتى سمع ضجتكم بالمدينة ، فوضع يديه على قلبه و قال : قلبي ،قلبي ، ثم مات ، فانصرف من كان معه من الجيش إلى بلاد الروم.
قال الحسن : و وجدنا في الأبنية من محلتهم من القمح و الشعير ما وسع أهل المدينة ، و كفى الله جماعتهم بأس الروم من غير قتال و الحمد لله .
... فهيا بنا يا أخي نتوب إلى الله ، و نستصرخه و نستغيث به .. قال صلى الله عليه و سلم ( من انقطع إلى الله عز و جل كفاه الله كل مؤنة ، و رزقه من حيث لا يحتسب ، و من انقطع إلى الدنيا وكله الله إليها ) أخرجه الطبراني في الصغير و البيهقي في الشعب .
و صدق من قال :
لا تيأس إذا ما ضِقتَ من فـَرج
يأتي به الله في الروحات و الدُّلَجِ
و إن تضايق باب عنك مُرْتَتَـج
فانظر لنفسك باباً غير مُرْتتـــــج
فما تجرع كأس الصبر معتصم
بالله إلا أتــــاه الله بـــالفـــــــــــرج
بقلم: د.مجدي الهلالي
22-5-2008
هيا بنا نَعُجُّ إلى الله و نستغيث به
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على المبعوث رحمة للعالمين ، أما بعد :
فبعد أن وقع الزلزال ، و انكشف الغبار ، و تأكد لدينا بأنه ليس لنا سوى الله ، و أنه وحده القادر على كشف ما أصابنا من ضُرٍ و بلوى ، و أن ما حدث قد يكون عُتبى منه سبحانه ، يعتب بها علينا بسبب ما أحدثناه من تقصير في القيام بالواجب الذي شرفنا به و ابتعثنا من أجله، أو تفريط و تهاون في لزوم الاستقامة على أمره .
.. بعد أن وضحت الرؤية بأنه سبحانه هو الذي ابتلانا ، فإنه ينتظر منا توبة صادقة تبدأ بمحاسبة كل منا نفسه ، و مراجعة أموره كلها بدءاً من علاقته به سبحانه ، و مروراً بعلاقته بإخوانه و بدعوته ، و كلما كانت هذه المحاسبة جادة منطلقة من استشعار المرء بأنه قد يكون السبب فيما حدث للدعوة كلما ازداد الشعور بالندم ، و من ثمَّ تكون التوبة صادقة ، عملية ، ظاهرة الآثار في شتى المجالات .
.. و مع هذه المحاسبة ، و هذه التوبة تأتي العبودية العظيمة الملازمة لحدث الابتلاء ألا و هي التضرع إلى الله و الاستغاثة الشديدة به (فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ) [الأنعام :43]
فالمطلوب هو تضرع و استغاثة تُظهر و تؤكد عدم تعلق قلوبنا بشيء سوى الله ، و أنه لا ملجأ لنا و لا منجى مما نحن فيه إلا هو سبحانه و تعالى ، و أن نلح في ذلك ، و نلح ، و نتضرع ، و نستغيث ، و نعُجُّ(1) إلى الله ، و لا نترك هذا كله حتى يأتي الفرج ، و ماهو ببعيد كما وعد سبحانه ( أمن يجيب المضطر إذا دعاه و يكشف السوء و يجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله ) [النمل:62]
من تجارب السابقين في الاستغاثة بالله :
و إليك-أخي- قصة من قصص السابقين تؤكد هذا المعنى ، و كيف أن أصحاب هذه القصة و بعد أن أُحيط بهم ، و بلغ بهم البلاء و الكرب ما بلغ لجأوا إلى الباب الأعظم ، و تعلقت قلوبهم تعلقاً تاماً بالله ، و انخلعت من كل أسباب الأرض ، عند ذلك جاءهم الفرج من حيث لا يحتسبون .
ذكر ابن بشكوال في كتابه (المستغيثين بالله ) : أن المسلمين في جزيرة إقريطش (تكريت ) قد قاموا بغزوٍ لبعض ديار الروم ، و أصابوا منهم إصابات عظيمة ، فبلغ ذلك الخبر ملك الروم ، فاستشاط غضباً ، و توعد المسلمين بحرب عظيمة ، و هزيمة ساحقة و إن أدى ذلك إلى إنفاقه كل دنانير مملكته ، و ذهب إلى راهب من أبناء الملوك يحبه الروم لزهده ، فأنزله من صومعته ، و أقنعه بضرورة قيادته للجيش المتوجه لجزيرة إقريطش ، و بالفعل خرج هذا الراهب بجيش ضخم و اتجه إلى الجزيرة ، و في طريقهم إليها وجدوا المراكب التي تحمل الطعام للمسلمين فاستولوا عليها ، و ما إن بلغ الخبر أهل الجزيرة حتى أغلقوا الأبواب و تحصنوا داخل مدينتهم ، ثم ضرب جيش الروم حصاراً محكماً على المدينة ، و طال الحصار ، و نفد الطعام حتى اضطر الناس إلى أكل ما مات من البهائم ، و وصل بهم الجهد و الجوع و الكرب مبلغه ، و بدأوا في التفكير الجاد بالاستسلام ، و فتح أبواب المدينة للروم ، عند ذلك نهض فيهم أحد الشيوخ و بين لهم أن المسبب لهذا كله هو الله ، و أنهم قد حُرِموا التوفيق الإلهي يوم أن استولى الروم على طعامهم ، و أن ما عليهم إلا أن يقبلوا ما يشير به عليهم .
فوافق القوم و أعطوه سمعهم .
فقال لهم : توبوا إلى الله عز و جل من قبيح تقصيركم في حق شكر نعمه ، و الزموا ما يكون رباطاً لها و قائداً لها إلى حُسن المزيد فيها ، و أخلصوا له إخلاص من لا يجد فرجه إلا عنده ، و افصلوا صبيانكم من رجالكم ، و رجالكم من نسائكم .
فلما ميزهم هذا التمييز صاح بهم : عُجُّوا بنا إلى الله عز و جل .
فعجوا عجّة واحدة ، و بكى الشيخ و اشتد بكاء الناس و صراخهم ، ثم قال : عجوا أخرى ، و لا تشغلوا قلوبكم بغير الله ، فعجوا عجة أعظم من الأولى ، و اشتد بكاؤهم و نحيبهم ، و علا صوتهم .
ثم عج الثالثة ، و عج الناس معه ..
ثم قال لهم : انظروا من شرفات الحصن ، فإني أرجو أن يكون الله قد فرج عنا .
يقول راوي القصة –الحسن بن محمد - : و الله لقد أشرفت مع جماعة فرأينا الروم قد قوضوا ، و ركبوا مراكبهم ، و انطلقوا في البحر ، و فتحنا الحصن فوجدنا قوماً من بقاياهم ، فسألناهم عن خبرهم فقالوا : كان الراهب المحبوب عميد الجيش بأفضل سلامته اليوم ، حتى سمع ضجتكم بالمدينة ، فوضع يديه على قلبه و قال : قلبي ،قلبي ، ثم مات ، فانصرف من كان معه من الجيش إلى بلاد الروم.
قال الحسن : و وجدنا في الأبنية من محلتهم من القمح و الشعير ما وسع أهل المدينة ، و كفى الله جماعتهم بأس الروم من غير قتال و الحمد لله .
... فهيا بنا يا أخي نتوب إلى الله ، و نستصرخه و نستغيث به .. قال صلى الله عليه و سلم ( من انقطع إلى الله عز و جل كفاه الله كل مؤنة ، و رزقه من حيث لا يحتسب ، و من انقطع إلى الدنيا وكله الله إليها ) أخرجه الطبراني في الصغير و البيهقي في الشعب .
و صدق من قال :
لا تيأس إذا ما ضِقتَ من فـَرج
يأتي به الله في الروحات و الدُّلَجِ
و إن تضايق باب عنك مُرْتَتَـج
فانظر لنفسك باباً غير مُرْتتـــــج
فما تجرع كأس الصبر معتصم
بالله إلا أتــــاه الله بـــالفـــــــــــرج
و الحمد لله أولاً و آخراً
و صلِّ اللهم على سيدنا محمد و على آله و صحبه و سلم
منقوووووووووووول
و صلِّ اللهم على سيدنا محمد و على آله و صحبه و سلم
منقوووووووووووول
الثلاثاء مايو 31, 2011 7:34 am من طرف محمد فؤاد
» شرح اضافه رموز واختصارات الماسنجر (فـ الصور ) !!
السبت فبراير 13, 2010 9:26 am من طرف الهــــاجــــري
» + مكتبة الكاريكاتير الرياضي +
الإثنين يوليو 27, 2009 9:12 am من طرف القحطاني
» مسابقة افضل لعبة الكترونية
الإثنين يوليو 20, 2009 1:10 pm من طرف kaka
» ذهب بالمجان في ترافيان
الإثنين يوليو 06, 2009 9:25 am من طرف الهاجر911
» %نكت حلوه %
السبت يونيو 27, 2009 7:46 pm من طرف hamad
» القرآن يعمل على تنشيط وظائف المناعة في الجسم
الأربعاء مايو 27, 2009 8:22 am من طرف القحطاني
» الحياء الزوجيه
الأربعاء مايو 27, 2009 8:14 am من طرف القحطاني
» دعاء طالب كسول
السبت مايو 23, 2009 10:33 am من طرف عامر الخالدي